الأربعاء، 1 يوليو 2015

حكاية اللون الأبيض ..

نتيجة بحث الصور عن اللون الأبيض

ذهبت إلى ذلك المقهى .. واتجهت إلى تلك الطاولة المركونة .. في إحدى جوانبه المهملة ..
حيث تشبه في انزواءها انزواء نفسها ..
وبعينين معلقتين بذلك الكرسي .. تابعت خطاها إليه مسرعة ً ..
جلست على مقعدها المعتاد .. وشعورٌ طاغ بالسعادة الممزوجة بالألم .. ملأ روحها ..
أسندت ظهرها على ذلك الكرسي متنهدة ً ..فها هو مكانها الذي لم تشعر بالأمن إلا فيه ..
و يال هذا الأمن الذي لا تجده به إلا على كرسيٍ مركونٍ مهمل ٍ  في زاوية مقهى .. عفى عليه الزمن ..
ولكنها بالرغم من ذلك كانت سعيدة به ..
نادت النادل .. وطلبت منه فنجان قهوتها كما اعتادت ..
الفنجان الأبيض .. على الطبق الأبيض .. ممزوجاً باللون الأسود ..
تفوح منه الرائحة التي تنعش نفسها .. وتذكرها بأنه ما زال هناك شيئاً يبعث على الأمن والراحة والهدوء .. في هذا الكون ..
ارتشفت منه رشفةً ساخنة ً ..متأملةً لونه الأبيض ..
ذلك اللون الذي كانت له في إحدى الأيام معها حكاية ..
فمنذ سنواتٍ طويلةٍ ..  وسحر هذا اللون هاجسها ..لأنها ترى في نقائه شيئاً يشبه روحها ..
لذلك جعلت كل ما حولها مكسواً به .. فلم تشتري إلا الملابس البيضاء ..والأطباق البيضاء .. والفناجين البيضاء ..
شالاتها كلها كانت باللون الأبيض .. جدران غرفتها .. غطاء سريرها ..طلاء أظافرها .. ..
حتى دبابيس شعرها كانت باللون الأبيض ..
كانت تلملم لونها المفضل .. شقيق روحها .. من على واجهات المحلات ...ورفوفها .. حتى تصنع  لنفسها عالمها النقي .
إلى أن اشتد عودها .. وبدأت الحمرة تطفو على وجنتيها .. معلنة تفتح الربيع .. لأنثى كان كل مافيها يضج ربيعاً ..
عندها ..
بدأت تلملم كل أجزاء لونها .. الأبيض التي جمعتها .. خلال سنوات عمرها .. لتصنع منها ثوباً لزفافها ..
فكانت في ذلك اليوم .. بثوبها الأبيض أشبه بالملاك منها .. إلى البشر .. تشع نقاءً وصفاءً ..
أخذت تسير بخطىً هادئةً .. بجانب حبيبها .. واضعةً يدها البيضاء .. فوق يده السمراء ..
متوجهين إلى باب المنزل ..الذي كان البداية لحياةٍ جديدةٍ .. طالما حلمت بها ..
وضع زوجها المفتاح .. في قفل الباب .. و أداره ..
لتسمع له طقطقةً تنشر القشعريرة في جسدها ..
فخلف هذا القفل توجد الحياة بأجمل معانيها .. يوجد الأمان الذي طالما بحثت عنه ..
يوجد عالمها النقي .. عالمها الأبيض ..
دخلت المنزل .. ودخل خلفها .. حاملاً بيديه أطراف ثوبها ..وأغلق الباب خلفه ..
همس في أذنها .. أحبك ..
فطأطأت رأسها خجلاً ..
وعلى استحياءٍ بدأت يداها تلامس يداه ووجنتيه .. خطلات شعره التي تتوج جبينه ..
وبعد لحظات .. سقط اللون الأبيض الذي توشحت به .. لتسقط معه كل أقنعة السعادة .. التي رسمتها ..
ولتدرك بعد كل هذه السنين بأنها مجرد بقايا أنثى .. تخفي عجزها .. بلعبة لون ..
ومنذ ذلك الوقت .. لم يبقى لها سوى ذلك الركن المهمل ..
تلملم فيه بقايا لونها .. لتصنع به .. وشاحها الأخير .. لتصنع به كفنها ..

الاثنين، 30 مارس 2015



أهواك .. بلا أمل ٍ

لماذا أسلم للبحر أمري .. وأمنح للريح أيام عمري ..

عباراتٌ تترد في داخلي .. لتصم أذني ..

ولكن بلا جدوى ..

آآه كم كنت أتمنى ان أكون قادرة على امتلاك زموم الأمور بنفسي .. بدلاً من أن أتركها تتلاطم حائرة بين غياهب البحر ..

روحي الآن باتت تتلاطم  .. وتتكسر .. ترتفع .. وتنخفض مع كل موجة ٍ ..

ذاتي باتت مشتتةً .. بين ما أنا عليه .. وبين ما أصبو إليه ..

لقد تعبت من كثرة الجري وراء أحلامي .. التي تأبى .. أن تخرج من دائرة الأحلام  ..

آآآه ..

كيف يمكن لأنثى .. أن تعيش .. وفي كل يوم يوم تذبح أنوثتها .. آلاف المرات ..

كيف يمكن لقلبٍ ..  أن يحيا ..   وينبض .. في صدر امرأةٍ  .. تحولت فيه النبضات .. إلى آهات ..

آهاتي كثرت .. وأناتي استغاثت ..

انهكت .. قواي ..  ولم أعد قادرةً على إسعاد من حولي ..

فكيف لي اأن أنشر عبير السعادة بعدما افتقدته في داخلي ..

منذ زمن .. وأنا وحيدة .. بفرحي .. وألمي .. وحيدة .. بجروحي وانكساراتي .. وربما .. أيضاً في مماتي ..

 تلوت عذرائي .. بحيرة ..

وبدأت تردد بصوتها الذي غلبت عليه البحة .. ليغدوا شبيهاً بالفحيح ..

طلي واشرقي يا شمس ..  بنورك على حياتي .. وانشري حراراتك في أطرافي ..التي قتلها البرد ..

ودعي النور  يتخلل روحي التي توشحت بالسواد طويلا ..

امنحيني أمل إشراقة يوم جديد .. قفد أتعبني طول الغروب ...

وياقمر .. أفض علي بسكينتك .. وطمأنينتك .. واستقرار حالك .. فكم أنا بحاجة إلى هذا الاستقرار ..

ليت حياتي مثل حياتك .. تتراوح بين هلالك الجميل .. وبدرك المهيب ..

ليتها تمر على وتيرةٍ .. أو وتيرتين .. أو حتى ثلاثة ..

لكنها للأسف مشوهةً .. تتخبط بين كل الأشكال .. وكل الإتجاهات ..

ضياع .. ضياع .. ضياع .. كل ما أشعر به الآن .. ولا سبيل للنجاة  إلا.. الوصول إلى الأمان الذي احتضنني .. يوما على شاطئك .. أنت ..

ولكنك أبيت أن أريح نفسي عليه .. فضننت علي به ..

فكسرت .. بذلك نفسي .. وأذبتني خجلاً من ذاتي .. لأنني أحسست بأني أطلب شيئاً .. لا يحق لي طلبه ..

تعلقت بشعاع حياةٍ صغير .. وظننت انه قد ينبض في أحشائي .. لكنك لم تأبه  به ..

ليقينك .. بأن الصحراء لا تنجب زرعاً ..

فكان ذلك ضربةً جديدة لي .. وذوبانٌ أكبر .. أمام ذاتي ..لأني شعرت مرة أخرى .. بأني أطلب ما لا يحق لي طلبه ..

فانطفأ بعد ذلك  ..الشعاع  .. وانطفئت معه .. آخر شمعةٍ من شمعات .. الأمل ..

وبقيت .. أهواك .. بلا أمل ٍ  ..


 





 


حكاية اللون الأبيض .. ذهبت إلى ذلك المقهى .. واتجهت إلى تلك الطاولة المركونة .. في إحدى جوانبه المهملة .. حيث تشبه في انزو...