الأربعاء، 15 أغسطس 2012

فوضى .... الروح



كثيرة هي احلامنا .. كبيرة طموحاتنا ... ولكن جل ما أحلم به الآن هو منزل صغير ... صغير ... لتسكن فيه روحي .. وتجد فيه الأمن والأمان اللذان كنت .. وما زلت افتقدهما ... بالرغم من رحلتي الطويلة التي بذلتها ... لاهثة ورائهما .. حتى كدت افقد الأمل ...

الأمل ... كلمة جميلة ... والشعور بها .. اجمل  ..ولكنها سريعا ما تغادرنا ... 
في كل يوم ... بل وفي كل لحظة تهرب منا ... 
كنت آمل وأحلم بمنزل صغير ..يحمل في كل زاوية من زواياه ... جزءاً مني ... فهنا بقرب النافذة أتناول فطوري ... وعلى تلك الطاولة ... اكتب مذكراتي ... وهاهو مقعدي الذي أغفو عليه ... وعند الركن المهمل هاهنا ذرفت دمعةً منذ يومين ..
بيتي هو حلمي الصغير الكبير الذي لم يتحقق 
رسمته في خيالي ومازلت اشكله بمخيلتي حجرةً حجرة ... 
دافئ .. هادئ .. يوحي بالسكينة والراحة ... نوافذه خشبية واسعة ... تطل على بحر تتلاطم أمواجه بهدوء ساحر ... مع اطلالة شمس الصباح 
العصافير ترفرف بأجنحتها ... ليختلط صوت رفرفتها بحفيف اوراق الشجر 
الذي زرعته بيدي .. هاهنا في حديقة منزلي ... 
شعاع الصباح ينساب برقة على وجنتي ... على خصلات شعري ... على وسادتي ... 
هدوء ساحر خلاب ... يجعلني اصحو صباحا والأمل ينبض في داخلي ... ليسري مع دمي .. في عروقي ...
اااه كم احلامي صغيرة ... ولكنها وبالرغم من صغرها ... صعبة المنال ...
كل ما حولي ... صاخب ... على الرغم من اني أعيش بمفردي هاهنا مع زوجي في هذه الشقة ... 
اصحو صباحا ... وغمامة قاتمة تلف ناظري ... فأسارع بإغماض عيني علني ادخل في سبات عميق يبعدني عن التفكير بالواقع ... 
انهض مثقلة من أعباء النوم ... هاربة من صخب الكوابيس التي تلاحقني ...
انظر حولي .. لأرى كل ما حولي صاخبا مبعثرا هنا وهناك .. 
انظر الى نفسي في المرآة ... أرتاع احياناً ... وأحياناً أخرى ... أبكي.. 
اسارع لترتيب فوضى هذه الشقة ... علني بترتيبها ... أنفض الصخب والفوضى التي في داخلي ... بعد كل هذا التوتر الصباحي .. اسارع لعمل  فنجان من القهوة .. 
تنعشني رائحتها ... ولكنها لم تعد تمنحني ذلك الشعور الذي كانت تمنحني اياه في السنوات السابقة ... اشعر بها الآن .. من دون طعم .. بل إن طعمتها كريهةً أحياناً ...
اشعل التلفاز لأجد صخب الحروب وفوضى الأشلاء تقول لي ... صباح الخير..
... 
تمضي ساعات نهاري ... وانا أتلاطم من صخب إلى صخب ... بل وتمضي سنين عمري ... كلها على هذه الوتيرة ... 
ضاع عمري .. وهدرت احلامي ... جفت أصابعي عن الكتابة ... والرسم .. الذي طالما كانا عشقي ... منذ الطفولة ... 
فأنت يامن كنت أملي الذي راهنت عليه ... وتأملت يوما ان ينقذ ما بقي مني ... وأن يعيد لم شمل أجزائي التي تبعثرت هنا وهناك ...
اصبحت وبعد هذه السنين ... المثير الأول لكل ما انا فيه ... فبنظرة واحدة منك ..  ... يمكنك ان تهدم كل ما رتبته في داخلي ... 
حياتي وعمري ... سعادتي ... وشقائي .... سكينتي وعذابي ... كلها باتت بين يديك ... فها انت الآن الضابط الأول لإيقاع حياتي ... يكون الإيقاع هادئا ... عندما تكون في حالة من الهدوء ... وينقلب الهدوء صخبا يصم قلبي وروحي ... عندما يتغير مزاجك لأي سبب كان ... وتنقلب معه حياتي ... 
وهكذا تمضي السنون ... 
حلمي صغير ... ولكن ااااه ما اصعب تحقيق الأحلام الصغيرة ...
أيتها السكينة ...أيها الأمن ... أيها الحب ... تعالوا ... واغمرو قلبا اشتاق لكم ... فلم أعد أقوى على البرد ... 
اشعر بأن البرد بدأ ينتشر في أطرافي بعد ان عشعش في قلبي ... 

انا أناجيك يامن كنت ملاذي .. ارحم قلبا بات يبكي من البرد ... واعطف على روح باتت تئن من كثرة الصخب ... 
فأنا خلقت لأحيا .... لا لأموت ... لا لأموت ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكاية اللون الأبيض .. ذهبت إلى ذلك المقهى .. واتجهت إلى تلك الطاولة المركونة .. في إحدى جوانبه المهملة .. حيث تشبه في انزو...